دور العقار في التنمية المحلية

يعد العقار قاعدة أساسية في الحياة الاجتماعية والاقتصادية، لذا يحوز هذا المجال اهتماما كبيرا من أجل المحافظة عليه وترقيته سواء الملكية عامة أو خاصة، يتضح هذا جليا من خلال مجموعة القوانين التي تنظم الملكية العقارية. نظراً لوجود وضعيات تتميز بالتضارب وعدم التجانس والاستقرار، انجر عنه الكثير من المنازعات بسبب صعوبة إثبات الملكية العقارية واصلها في غالب الأحيان، فهذا يحوز في ملك الدولة والآخر لا يملك سند أو سنده باطل في نظر القانون.

دور العقار في التنمية المحلية

عرفت الجزائر إسرافا كبيرا وفوضي في استغلال العقار في إطار عملية التنمية التي بدأتها في السبعينات، وتبين أن هناك أضرار قد تنعكس سلباً على مستقبل البلاد في حالة عدم استغلال العقار بصورة فعالة، وصدرت مجموعة من التشريعات منها القانون رقم 90 – 25 المتضمن التوجيه العقاري، والقانون رقم 90 – 29 المتعلق بالتهيئة والتعمير المعدل والمتمم والقانون رقم 90 – 30 المتعلق بالأملاك الوطنية والقانون رقم 06 – 06 المتضمن القانون التوجيهي للمدينة والقانون رقم 07 – 06 المتعلق بتسيير المساحات الخضراء وحمايتها وتنيمتها والقانون رقم 08 – 15 المتضمن تحديد قواعد مطابقة البناءات وإتمام إنجازها.
ونظراً لأهمية العقار في مجال الاستثمار صدر قانون التوجيه العقاري الذي يعد النص الأساسي، لتنظيم العقار في الجزائر من حيث تصنيفه للملكية العقارية واشتراطه للسندات الأصلية التي تثبت الملكية الخاصة للأملاك العقارية والحقوق العينية أو أن يكون للحائز أو الشاغل سند قانوني يبرر هذه الحيازة أو هذا الشغل.
ومن أجل إحداث تنمية محلية، على الدولة وضع قوانين هدفها القضاء على الإختلالات الداخلية من أجل توفير العقار لأنه يعتبر محدداً أساسياً في إنجاح عملية التنمية، ومن هنا نطرح الإشكالية الأساسية وتتمثل في ما مدى مساهمة العقار في التنمية المحلية؟

للإجابة على الإشكالية نتناول الموضوع في المحاول التالية :

أولاً: مفهوم العقار:

1- تعريف العقار:
تصنف الأشياء المادية بحكم وظيفة ثباتها أو قابليتها للتنقل إلى عقارات ومنقولات، ويعني العقار لغة كل ما له أصل وقرار كالأرض والمنزل، ويعرف بأنه : “الشئ الثابت المستقر في مكانه بوضعية تجعله غير قابل للنقل منه إلى مكان آخر دون تلف” 
العقارات هي الأشياء الثابتة الحائزة لصفة الاستقرار سواء كان ذلك من أصل خلقتها أو بصنع صانع، لا يمكن نقلها دون أن يعتريها تلف أو خلل 
والأرض هي المثال المناسب للعقار، نظراً لاستقرارها وثباتها بحيزها، وإذا جاز نقل أجزاء منها، فإنما يكون ذلك بتفتيت سطحها أو انتزاع بعض أتربتها أو صخورها.
عرف المشرع العقار في المادة 683 من القانون المدني بأنه : “كل شئ مستقر بحيزه وثابت فيه لا يمكن نقله من دون تلف فهو عقار، وكل ما عدا ذلك من شئ فهو منقول.
تختلف القواعد الإجرائية التي يخضع لها المنقول والعقار بمختلف القضايا المتعلقة بالعقارات التي تقع في دائرة اختصاصها العقار 
2- أنواع العقارات:
توجد ثلاثة أنواع من العقارات، عقارات بطبيعتها وعقارات تبعاً لموضوعها وعقارات بالتخصيص نتناولها وفق ما يلي :
أ- العقارات بطبيعتها:
هي الأشياء المادية التي لها وضعية ثابتة غير متنقلة فتشمل الأراضي، المباني، الأشجار … الخ، بالنسبة للأرض لا فرق في أن تكون معدة للزراعة أو للبناء أو أرضا حجرية أو رملية، وتشمل الأرض الأبنية المشيدة فوقها، وتعد الأشياء الثابتة والمستقرة على الأرض أو في باطنها عقارات دون النظر إلى مالكها، فهذا لا يؤثر في طبيعتها العقارية إن كان مالكها غير مالك الأرض المقامة عليه، فالأبنية التي يقيمها المستأجر بترخيص من المالك على الأرض المؤجرة تعتبر عقارات بطبيعتها لأنها مستقرة وثابتة في الأرض.
وتعد المباني عقارات بطبيعتها فتشمل جميع المنشآت المقامة عليها سواء على سطح الأرض أو تحتها كالمساكن والمصانع والجسور والآبار لأنها مثبتة في الأرض وتتخذ حيزا مستقرا وثابتا فيها.
ب- العقارات بحسب موضوعها:
عرفتها المادة 684 من القانون المدني الجزائري على أن : “يعتبر مالا عقاريا كل حق عيني على عقار بما في ذلك حق الملكية، وكذلك كل دعوى تعلق بحق عيني على عقار “فالحقوق العينية الأصلية كحق الملكية، حق الانتفاع، حق الارتفاق وحق الاستعمال، والحقوق العينية التبعية الأخرى كالرهن الرسمي، الرهن الحيازي، حق التخصيص، وحق الامتياز، تعد كلها عقار كون موضوعها عقارا، فإذا كان موضوعها منقولا فتعد منقولا.
ج- العقارات بالتخصيص:
إن العقار بالتخصيص هو منقول بطبيعته منح له صفة العقار نظراً لاستغلاله وتخصيصه من قبل مالكه لخدمة عقاره، ورد في الفقرة الثانية من المادة 683 من القانون المدني تعريف هذا النوع من العقار :” غير أن المنقول الذي يضعه صاحبه في عقار يملكه رصدا على خدمته هذا العقار أو استغلاله يعتبر عقارا بالتخصيص”، فالمشرع جسد شمولا أحكام العقار على المنقولات التي أعدت لخدمته واستغلاله لمنع أي عرقلة تعطل منفعة العقار

ثانياً: مفهوم الملكية العقارية:

ورد مفهوم الملكية العقارية الخاصة وقواعد إثباتها وطرق حيازتها في قانون التوجيه العقاري التي أحالت على أحكام القانون المدني وبالرجوع إلى أحكام هذا الأخير فإن الخاصية أدرجت في المواد 674 وما يليها، وقد أخضعها المشرع إلى قواعد القانون المدني أي أنها تخضع لحرية التعامل باعتبارها أنها تمنح لصاحبها سلطات الاستعمال والاستغلال والتصرف لكن مع مراعاة القيود التشريعية والتنظيمية التي تشكل الإطار القانوني الذي لا يمكن تجاوزه لممارسة حقوق الملكية العقارية الخاصة.
ونجد أن القانون 90 / 25 المعدل بالأمر رقم 95 / 25 المتضمن التوجيه العقاري يدخل ضمن مجموع حركات الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي تستهدفها الجزائر وقد جاءت أحكامه متماشية مع أحكام الدستور الذي يضمن حق الملكية ويتوافق مع قانون الولاية وقانون البلدية، وكرس مبدأ حرية المعاملات العقارية في المجال الحضري أو الفلاحي ونظامها القانوني، وتضمن كيفية تدخل الدولة والجماعات المحلية في المعاملات العقارية.

طالع ايضا الوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري

ثالثاً: حماية العقار:

الإنسان بحاجة إلى الأرض من أجل البناء، لكن هو بحاجة إلى الأرض من أجل زراعتها واستغلالها في مجال الاستثمار، وبحاجة إلى الطبيعة لذا تدخل المشرع وأصدر ترسانة من القوانين (9)، منها قانون التهيئة العمرانية والتعمير حدد بموجبه قواعد تنظيم إنتاج الأراضي القابلة للتعمير والموازنة بين وظيفة السكن والفلاحة والصناعة والمحافظة على المحيط والأوساط الطبيعية والتراث الثقافي والتاريخي.

إن حماية العقار وطرقه استغلاله من الأمور الجوهرية التي تتحكم في تطور الشعوب وتؤثر على مستقبلها، لذا عمل المشرع على تكريس هذه الحماية بسن مجموعة من القوانين خصت أحكام تفصيلية لهذه الحماية.

تسعي الإدارة لحماية الملكية سواء تتعلق بالعقار الحضري أو الفلاحي بالنسبة للأعمال التي يود الأفراد القيام بها في ملكيتهم مع مراعاة الإجراءات الواردة في القانون في حالة تقرير وضع يدها على الأملاك الخاصة بهدف تحقيق المصلحة العامة.

وقد تسلك الإدارة في اكتساب الملكية طرقاً متعددة لا تتعسف فيها ضد أصحاب الملكية، تحصل على ما يلزمها من عقارات برضاء المالكين باتفاق ودي ومقابل تعويض مناسب متفق عليه.

وفي العديد من الحالات للحصول على العقارات تلجأ الإدارة إلى إجراء نزع الملكية من أجل المنفعة العمومية مقابل تعويض عادل ومنصف، لجبر الضرر الناتج عن نزع الملكية ايثارا للمصلحة العامة على المصلحة الخاصة، ومنح المشرع للإدارة سلطة وضع اليد أو الاستيلاء مؤقتاً على العقار إذا كانت حاجتها العقار مؤقتة.

تتوفر الحماية للملكية العقارية بتحرير المعاملات العقارية ووجود هيئات مكلفة بالتسيير وتنظيم سندات الملكية لوضع حد للاستغلال الفوضوي للأراضي ومنع تعسف الإدارة.

1- المحافظة على الطابع الفلاحي للأرض:
عرفت الأراضي الفلاحية ضغوطا عديدة وزاد الطلب عليها لتلبية النقص في قطاع التعمير الذي نتج عن الضغط الديمغرافي المتزايد هذا دفع الإدارة إلى إيجاد نظام مراقبة صارم كاشتراط الحصول على تراخيص مسبقة قبل الشروع في أية أشغال ليست لها صلة بالمجال الفلاحي، وتتجسد المحافظة على الطابع الفلاحي للأرض بالآليات التالية :

أ- رخصة تقسيم الأرض الفلاحية:
تخضع عملية تقسيم وتجزئة الأراضي الفلاحية إلى قاعدة احترام المساحة المرجعية للمستثمرة الفلاحية القائمة عليها، وتشمل كل معاملة عقارية تتمثل في نقل ملكية الأراضي الفلاحية بمقابل أو دون مقابل، يجب على الموثق المكلف من قبل الأطراف بتحرير مضمون المعاملة في عقد رسمي أن يرسل طلب إلى المصالح الفلاحية بالولاية التي توجد بإقليمها الأرض الفلاحية المعنية ويتم التحقيق في الطلب والرد عليه.

ب- رخصة البناء على الأراضي الواقعة خارج المناطق العمرانية للبلديات:
يشترط قانون التوجيه العقاري أن يكون الهدف من كل إنجاز يتم فوق الأراضي الفلاحية هو رفع الطاقة الإنتاجية المستثمرة القائمة عليها، هذا قيد من حق البناء فوقها وجعل ممارسة هذا الحق يتطلب استصدار رخصة مسبقة وصريحة من الإدارة (10).

2- تنظيم الرخص المتعلقة باستغلال الأراضي العمرانية:
يعد المرسوم التنفيذي رقم 91 / 176 المؤرخ في 28/05/1991 المحدد لكيفيات تحضير شهادة التعمير ورخصة التجزئة وشهادة التقسيم ورخصة البناء وشهادة المطابقة ورخصة الهدم وتسليم ذلك، المعدل بالمرسوم 06 / 3 المؤرخ في 07/01/2006 الإطار العام بالنسبة لمختلف الرخص في الشهادات المتعلقة بكيفية استغلال واستعمال الأراضي العمرانية.

أ- رخصة البناء:
تشترط رخصة البناء مسبقاً من أجل تشييد البنايات الجديدة (11) مهما كان استعمالها وكذا لتمديد البنايات الموجودة وتغيير البناء الذي يمس الحيطان الضخمة منه، وأيضاً لإنجاز جدار صلب للتدعيم أو التسليح وهذا كله ما لم ينص القانون على خلاف ذلك (12).

يشترط المشرع أن يكون قرار الرفض مسبباً إذ يمكن لمن يهمه الأمر أن يطعن في هذا الرفض أمام القاضي الإداري، الذي يمكنه الإطلاع على مدى جدية ومشروعية الأسباب التي تستند إليها الإدارة في رفضها، إن عدم ملائمة موقع البناء المراد تشييده مع محيطه يعد سببا موضوعيا في رفض تسليم رخصة البناء (13).

ب- رخصة التجزئة:
تشترط رخصة التجزئة لكل عملية تقسيم لقطعتين أو عدة قطع في ملكية واحدة أو عدة ملكيات مهما كان موقعها (14)، إذا كانت قطعة أو عدة قطع أرضية ناجمة عن هذا التقسيم من شأنها أن تستعمل في تشييد بناية.

وعليه فإن رخصة التجزئة تطلب عندما يرى المالك أو موكلة تجزئة الأرض إلى قطعتين أو أكثر لتشييد بناية (15)، يمكن للإدارة أن ترفض تسليم رخصة التجزئة وتستند في رفضها إلى أن طلب التجزئة لا يتوافق مع مخطط الأراضي، والمخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير.

ج- رخصة الهدم:
لا يمكن القيام بعملية هدم جزئية أو كلية لبناية دون الحصول على رخصة الهدم لضمان انجازها وفقاً للظروف الأمنية والتقنية المطلوبة، لكن يجوز لرئيس المجلس الشعبي البلدي أن يأمر بهدم البنايات الآيلة للسقوط لأن من سلطاته المحافظة على أمن وسلامة الأشخاص (16).

وتضمن القانون التوجيهي للمدينة في المادة السادسة أن سياسة المدينة تهدف إلى توجيه وتنسيق كل التدخلات منها القضاء على السكنات الهشة والغير صحية. وتراعى المدينة المستدامة حدودها العمرانية ولا تسمح باتساع البناء خارج هذا المحيط على حساب الأراضي الفلاحية إلا إذا كان للبناء علاقة بالاستغلالات الفلاحية. ولا يمكن للمدينة المستدامة أن ترخص بالبناء الا في الحدود المتلائمة مع ضرورة حماية المعالم الأثرية والثقافية.

رابعاً: العقار والتنمية المحلية:

للملكية العقارية بمختلف أنواعها دور أساسي في التنمية الشاملة، بقدر تنظيم وتوجيه الاستثمارات العقارية يمكن التحكم في التنمية الاقتصادية بمختلف أنواعها عمرانية، صناعية، فلاحية، ويوجد ارتباط بين الملكية العقارية والوضعية الاجتماعية للأفراد، بازدهار واتساع الملكية العقارية وتنظيمها تزدهر معها الحياة الاجتماعية من حيث مستوى الدخل والمعيشة، العمران الحضري، والارتقاء بالإطار المعيشي ورفاه السكان.

1- البلدية قاعدة اللامركزية ومنبع التنمية:
البلدية قاعدة اللامركزية وتعد الأرضية التي يرتكز عليها نظام الحكم في الدولة لدورها الفعال في تقريب الإدارة من المواطن وفي رفع الكفاءات الإدارية لتحقيق التنمية المحلية، بتقوية ودعم دور البلديات للمشاركة في تطبيق استراتيجية التهيئة العمرانية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية على المستوى المحلي بالحفاظ على البيئة وتحقيق مبادئ التنمية المستدامة، وتوفير بنية سكنية متميزة تتمتع بالمناطق الخضراء والمنتزهات وجودة الرعاية الصحية والاجتماعية.

يمنح التشريع الجزائري، صلاحيات ومهام كثيرة ومتنوعة، للجماعات المحلية في ميدان التهيئة والتعمير وإدارة المدن.

لكن نجد أن البلديات تحتوى على بنايات شيدت بطرق فوضوية وبالمخالفة للتشريع المعمول به في مجال التهيئة العمرانية، أو شيد الكثير منها على عقارات ليست لها سندات.

لكن المتتبع لحالة العمران في المدن الجزائرية، وإطارها المعيشي، وما يمثله من تدهور وقصور كبيرين، يمكنه الاستنتاج بأن هناك خللا واضحاً في أداء البلديات لدورها في التنمية.

2- مدى فاعلية الجماعات المحلية في تحقيق التنمية:
إن قوة فعالية الإدارة المحلية تتوقف على وفرة الموارد المالية، فالمال هو عصب كل نشاط إداري،لا فائدة من تشكيل المجالس المحلية عن طريق الانتخاب العام المباشر ومنحها صلاحيات هامة ومتعددة دون توفير الموارد المالية اللازمة والكافية، فعدم توفير الموارد للمجالس المالية يشل نشاطها ويحد من فعاليتها.

إن توفير المال للوحدات المحلية يعتبر من أهم عوامل نجاحها في تحقيق الأهداف التي أنشأت من أجلها، وأن الحكم على نجاح نظام الإدارة المحلية أو فشلها يكون بالنظر إلى مصادر مواردها المالية.

يرتبط استقلال الوحدات الإدارية المحلية في مباشرة صلاحياتها ارتباطا وثيقاً بمواردها المالية فيزداد الاستقلال قوة وضعفا من الناحية العملية وفقا لزيادة الموارد أو قلتها (17).

لكي تستطيع الوحدات المحلية القيام بكل صلاحياتها يجب أن تكون الموارد المحلية كافية لمواجهة الاحتياجات المحلية.

إن الوحدات المحلية تؤدي خدمات متعددة ومتنوعة ثقافية وتعليمية واجتماعية واقتصادية، هذا يقتضي أن يكون لها موارد مالية متعددة وكافية.

3- صلاحيات الجماعات المحلية بخصوص العقار والتنمية:
لقد تغير وتطور دور الجماعات المحلية فلا يقتصر على أداء الخدمات ذات الطابع الإداري بل توسع ليشمل المجالات الاقتصادية، لذا يجب على الجماعات المحلية أن تمارس الوظائف الاقتصادية ومن خلالها تساهم في إنعاش الاقتصاد المحلي وتحقيق التنمية المحلية.

يتبين أنه رسخ الديمقراطية المحلية ودعم مجالات المسؤولية المحلية ووسع من اختصاصات الجماعات المحلية لكونها فاعلاً اجتماعيا واقتصاديا، يفسح المجال لتنمية المجال الحضري بوضع التخطيط الاستراتيجي المتعدد السنوات لأجل تحقيق التنمية.

ومن ثم تقوم المدن بدورها في التنمية الاجتماعية والاقتصادية بتوفير المناخ المنسب لخلق وتطوير الاستثمار وخلق المردودية.

تعمل الجماعات المحلية على تقوية روابط الشراكة بينها وبين السلطات العمومية بإنعاش وتنشيط الاقتصاد بإنجاز البنايات التحتية بإقامة المناطق الصناعية وإنشاء وتجهيز القطاع السياحي والتجاري لتحقيق التنمية المحلية.

4- آليات ترشيد وحماية العقار:
لحماية العقار من الاستنزاف اسند المشرع مهمة تحديد الأراضي العامرة أو القابلة للتعمير لأدوات التهيئة العمرانية والتعمية التي تبين مسألة شغل الأراضي بصررة رشيدة وكثيفة للمحافظة على الأراضي الفلاحية وترقية واستصلاح المساحات والمواقع المحمية، حيث تكون قابلة للتعمير الأراضي التي تراعي الاقتصاد الحضري التي تقع داخل الأجزاء المعمرة للبلدية، أو تكون متلائمة مع أهداف المحافظة على التوازنات البيئية، أو تكون غير معرضة للأخطار الناتجة عن الكوارث الطبيعية والتكنولوجية.

يرخص القانون بتحويل الأرض الفلاحية الخصبة أو المخصبة إلى أراضي قابلة للتعمير ويحدد القيود التقنية والمالية المرافقة لعملية التحويل، ولا يجوز استعمال الأراضي أو البناء بما يخالف تنظيمات التعمير، حرصاً على حماية الوعاء العقاري للمدن من التبذير وللوفاء بالطلب المتزايد على العقار الحضري من قبل المتعاملين الاقتصاديين والمستثمرين لإقامة المشاريع، لذا تعد مسألة توفير العقار الحضري والصناعي من المشاكل التي تعرقل الاستثمار الوطني والأجنبي.

إن مشكلة العقار كركيزة استراتيجية للتنمية الحضرية والاجتماعية والاقتصادية لم يحقق الأهداف المبتغاة، لذا لنشأت الوكالة الوطنية للوساطة والترشيد العقاري في نهاية سنة 2007 صلاحيتها العمل على تسهيل الحصول على العقار الصناعي للمتعاملين والاقتصاديين وتسيير المحفظة العقارية الاقتصادية للقطاع العام وتطوير مناهج الوساطة والترشيد العقاري لأجل تقديم الخدمات للمستثمرين الجزائريين والأجانب.

5- ندرة العقار وصلاحيات بدون مردود في الميدان:
أهم عناصر التنمية الحضرية يعتمد على توسع المدن على رقعة الأرض التي تمتد عليها من حيث ملكيتها واستخدامها، قد تتعارض رغبات المالكين مع أهداف مخططات التهيئة والتعمير وتصبح محل مضاربة، لذا وفر المشرع الآليات التي تمكن البلديات توفير حاجات من العقار لتلبية الحاجات المحلية وتحقيق التنمية، ويضمن التوجيه والتحكم في نمو المدن.

للجماعات المحلية في إطار تطبيق أدوات التهيئة والتعمير تحديد هوية العقارات الواقعة في إقليمها بجرد أملاكها العقارية وأملاك الدولة ثم تعد برامجها الاستثمارية الواردة في مخططات التهيئة والتعمير.

يمكن أن تقوم الجماعات المحلية بنزع الملكية من أجل المنفعة العمومية مقابل تعويض قبلي عادل ومنصف، يعد طريق استثنائي لاكتساب أملاك أو حقوق عقارية لإنشاء تجهيزات جماعية أو منشآت أو أعمال كبرى.

6- العقار الحضري:
إن الأمر رقم 74 / 23 المؤرخ في 20/12/1974، والمراسيم التطبيقية له رقم 76 – 27، 76 – 28 و 76 – 29 المتعلقة بالاحتياطات العقارية البلدية التي كانت الوسيلة القانونية وسببا في إحداث تغيرات جذرية في الملكية العقارية بالمناطق الحضرية، حيث أوجب هذا الأمر تحويل الأراضي الواقعة في المدن والمناطق العمرانية أو القابلة للتعمير إلى البلديات.

وحددت الإجراءات التي تقوم بها البلديات لدمج هذه الأراضي في احتياطاتها العقارية مقابل تعويض تدفعه البلدية للمالك مع مراعاة احتياجاته العائلية، هذه الإجراءات تتمثل في مسح العقارات وتقييم تقوم به مصلحة أملاك الدولة التي تقدر مبلغ أو مبالغ التعويض عن الأراضي المقرر إدراجها ضمن الاحتياطات العقارية، ثم مداولة المجلس الشعبي البلدي بشأن العقارات التي تقرر إدماجها، وهذه المداولة يصادق عليها الوالي باعتباره السلطة الوصية وأخيراً يعد قرار الدمج والتعويض، وتسجيل العقارات وشهرها في مصلحة الشهر العقاري وبعد هذه الإجراءات تصبح العقارات ملكاً للبلدية التي تقوم ببيعها سواء لمؤسسات عمومية أو لصالح الخواص ولا يتم هذا البيع إلا بعد القيام بأعمال التهيئة وتجزئة الأرض إلى قطع للبناء وتحديد الأسعار وإجراء مداولات بشأن بيع القطع الأرضية.

يجب أن يكون كل بيع موضوع المداولة من قبل المجلس الشعبي البلدي الذي يبدي رأيه حول مبدأ نقل ملكية الأرض، العناصر المكونة للملف ولاسيما ثمن البيع المخطط، ودفتر الشروط الذي يحتوى لزوما على التصاريح بالمقرر الذي رخص بموجبه نقل الملكية وكذا شروط الإشهار، بيان نوع وحالة الأملاك وأصل الملكية إلى غيره من البيانات.

يتبن أن المرسوم التنفيذي رقم 76 – 27 أخضع عمليات البيع إلى قواعد الإشهار الإداري أما الشهر العقاري لهذه التصرفات نص عليها المرسوم المتعلق بتأسيس السجل العقاري وقانون التوثيق والقانون المدني، ونصوص أخرى أوجبت الرسمية والشهر لنقل الملكية العقارية، وعليه فإن كل تصرف في هذه العقارات دون مراعاة الشهر العقاري يعتبر باطلاً ولا يرتب أي أثر بخصوص نقل الملكية العقارية والمفروض أن عمليات دمج الأراضي الزائدة عن الاحتياجات العائلية في الاحتياجات العقارية البلدية وبيعها، يتم وفقاً للإجراءات القانونية وتساهم في تنظيم وتسوية وضعية الملكية العقارية.

فوجدت السلطات المحلية نفسها في مواجهة قاسية مع متطلبات حركة التنمية المحلية وكيفية مشاركتها في التخطيط لإستراتيجية التنمية وتنفيذها وسط التطور التقني والتقدم العملي السريع.

خاتمة:

إن العلاقة بين التعمير والعقار وثيقة ولمواكبة التخطيط العقاري للتخطيط العمراني يستوجب وضع آليات لضبط المعاملات المتعلقة بالعقار.

لتقييم صلاحيات البلديات في مجال التهيئة العمرانية والتعمير وتبيان مدى كفاءتها للتكفل بمشاكل المواطنين يتبين أن تسوية ملكية العقار تعد من أهم المشاكل المطروحة على مستوى الاستثمار، وأن هناك مساحات مهيأة للبناء تثور بشأنها منازعات متعددة أمام مختلف الهيئات القضائية بخصوص تسوية ملكيتها.

وفي حالة عدم قدرة المخططات التوجيهية على التحكم في مسار النمو العمراني والتصدي لاتساع رقعة السكن العشوائي وانتشار الأحياء القصديرية (الصفيح) تعرض العديد من الأراضي الفلاحية لاستهلاك مفرط، عدم تحكم السلطات المحلية في التراث العقاري وغياب مسح دقيق للأراضي تحول الأراضي الزراعية للبناء، وكذا ظهور مضاربة منظمة تقوم بها مجموعة مصالح.

بتوسيع المحيط الحضري على حساب المساحات الزراعية وعلى حساب المحميات الطبيعية، أصبح يهدد مصادر الغذاء في المستقبل، لذا يجب وضع حد لتوسع المدن على حساب الريف والعمل على خلق توازن للتنمية الاقتصادية أو الاجتماعية وعامل البيئة.

بتسهيل الحصول على العقار بمختلف أنواعه فلاحيا أو صناعيا أو تجاريا تتم الاستثمارات وتتحقق التنمية، بوجود إدارة النمو العمراني والسكاني توسع الفرص والخيارات السكنية، ويتم الحفاظ على البيئة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة وإقامة مجتمعات عمرانية ناجحة وجاذبة للسكان.
طالع ايضا أثر الضريبة على السوق العقاري في الجزائر

إرسال تعليق

0 تعليقات