الوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري

الوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري: (من توفير العقار الاقتصادي إلى المساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية)

اتبعت الجزائر استراتيجية محكمة منذ الاستقلال إلى يومنا هذا، لدفع عجلة الاستثمار في كل القطاعات وهذا لا يتحقق إلا بتوفير العقار الاقتصادى باعتباره الوعاء الرئيسي الذي ترتكز عليه الحكومة في تحقيق التنمية الشاملة قصد القضاء على بؤر الفقر، والبطالة، والأمية التي أضحت اليوم من المؤشرات الاقتصادية لتحقيق التنمية المستدامةمن ثم، فإن العقار الاقتصادي يلعب دورا مهما في إقامة عدة مشاريع لإنشاء مؤسسات صغيرة ومتوسطة تدعم الصناعة الوطنية، وتوفر مناصب الشغل فتقضي إذن على شبح الاستيراد من جهة، وتشجع الصادرات نحو الخارج من جهة أخرى. لكن تحقيق هذه الأهداف تطلب إنشاء مؤسسة عمومية ذات طابع تجاري وصناعي مختصة في توفير العقار اللازم لمختلف الطلبات المقدمة من المستثمرين الوطنيين أو الأجانب والمتمثلة في الوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري سنة 2007 للمساهمة في تنويع الاقتصاد الوطني الذي يعتمد جوهريا على المحروقات.على هذا الأساس فان الوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري أخذت على عاتقها مهمة توفير العقار الاقتصادي الذي بموجبه تساعد قطاعات وزارية أخرى على النهوض بتنمية البلاد من الناحية اقتصادية والاجتماعية وعليه سيتم التطرق إلى المبحثين التالين:

الوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري

  1. المبحث الأول: النظام القانوني للوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري.
  2. المبحث الثاني: مساهمة الوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري في تحقيق التنمية الاقتصادية.
طالع ايضا الحصول على الجنسية التركية من خلال الاستثمار العقاري

حدد المشرع الجزائري الأحكام المتعلقة بسير ومهام الوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري بموجب المرسوم التنفيذي رقم 119-07 المؤرخ في 23 أبريل ص   2007   والذي حدد بمقتضاه وظيفتها وتسييرها وكذا تشكيلتها.
تعد الوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري مؤسسة عمومية ذات طابع تجاري وصناعي تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي ( ، تتولى هذه الهيئة   تسيير العقار الاقتصادي العمومي للقيام بالأنشطة الموجهة للاستثمار وكذا نشر المعلومات حول الأصول العقارية المتوافرة قصد تسهيل إبرام العقود والاتفاقيات، وفي هذا الصدد تتكفل بتحديد أسعار الأملاك حسب العرض والطلب عند عمليات التنازل والامتياز. تعزز هذه الأعمال   التي تقوم بها هذه الهيئة المغزى المطلوب من أي خدمة عمومية تقدمها الإدارة للمواطن ولهذا السبب حددت الدولة   دفتر أعباء تبعات هذه الخدمة.

المبحث الأول: النظام القانوني للوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري.

يسير الوكالة مجلس إدارة ويديرها مدير عام، يتكون مجلس الإدارة من 2 في عضو يمثلون كل القطاعات المعنية ويترأسه الوزير أو ممثل عنه. تتداول الوكالة   حول عدة مواضيع من بينها مشاريع ومخططات التنمية الخاصة بها على المدى الطويل والقصير والمتوسط، اقتناء الأصول والبنايات بمحاضر يوافق عليها الوزير المكلف بترقية الاستثمارات خلال الشهر الذي يلي الاجتماع.

غير أن المشرع الجزائري عدل المرسوم التنفيذي 07-119 المذكور أعلاه والمنظم للوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري بعد تعديله للقانون المتعلق بالأملاك الوطنية سنة 2008، وهذا حتى يسمح لهذه الهيئة أن تقوم بنشاطاتها حسب ما يتماشى والتغيرات الطارئة على العقار التابع للدولة إن كانت أراضي تابعة للأملاك الوطنية العمومية أو أراضي تابعة للأملاك الخاصة للدولة.
حيث أصدر المرسوم التنفيذي رقم 126-12 المؤرخ في 9 في مارس 2012 وبموجبه ألغيت المواد 6 و7 و8 من
المرسوم 119-07 وعدلت سبع مواد منه وأضيفت مادة واحدة فقط وهي المادة 10 مكرر .ولما كان إنجاز أي مشروع استثماري يتطلب المساعدة في تحديد العقار الموجه له سبق الإشارة إلى لجنة المساعدة
على تحديد الموقع وترقية الاستثمار الموجودة على المستوى الحلي، وجدت هذه لهيئة منذ سنة 2007 غير أنه ونظرا لتعديل القانون المتعلق بالأملاك الوطنية غير المشرع أحكامها تطبيقا للمادة الخامسة منه بموجب المرسوم التنفيذي
رقم 10 -20 المؤرخ في 12 يناير 2010 قصد اقتراح للولاة طرق منح الامتياز للعقار الموجود بكل ولاية مع الترشيد في استغلاله حسب استراتيجية الاستثمار.
أصبحت الوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري تسير الأملاك الخاصة التابعة للدولة الموجودة في المناطق الصناعية ومناطق النشاط أو في كل فضاء مخصص للنشاط الاقتصادي وكذا لها صفة المرقي العقاري. كما أن كل نشاط تابع للدولة له تبعات عن الخدمة العمومية الموكلة لهذه الهيئة ونفقات حددها الملحق بالمرسوم التنفيذي المتعلق بدفتر أعباء الخدمات العمومية.
إن توسيع تسيير الوكالة للعقار الاقتصادي لمختلف الأراضي التابعة للدولة، يسمح بتحفيز المستثمر للحصول على قطعة الأرض التي يراها مناسبة لإنجاز مشروعه بكل سهولة، من خلال منحه الامتياز  بالمزاد العلني المحدود أو المفتوح أو بالتراضي. حينئذ تصبح الدولة شريك مع المستثمر في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.تعد الوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري هيئة تابعة لوزارة الصناعة والمناجم لكن هذا القطاع يرتبط ارتباطا وثيقا بوزارة التنمية الصناعية وترقية الاستثمار التي استحدث سنة 2013 أثر التعديل الحكومي فالهدف المشترك بينهما هو تطوير الصناعة الوطنية وهذا لا يتحقق ألا بتوفير العقار المخصص لإقامة النشاطات الاقتصادية من جهة وبالشراكة مع الأجانب أو بتشجيع الشراكة بين القطاع العمومي مع الخاص من جهة أخرى. وبالتالي تظافر الجهود بين الوزارتين يدفع إلى وجود توافق بين عدة هيئات من بينها الوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري، الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار والمجلس الوطني للاستثمار.لم ينظم المشرع الجزائري الأحكام المتعلقة بالمجلس الوطني للاستثمار في المرسوم التشريعي رقم 93-12 المؤرخ في الخامس من شهر أكتوبر 1993 ولكنه تطرق إليها بموجب الأمر 03-01 المعدل والمتمم للمرسوم التشريعي رقم 93-12 المتعلق بتطوير الاستثمار. يتضح جليا أن سياسة الحكومة قد تغيرت من سنة 1993 إلى سنة 2001 من ترقية الاستثمار الموجود إلى تطويره وهذا بالطبع ما دفعها خلال هذه المرحلة المعنوية بالإنعاش الاقتصادي إلى إبراز هذه الهيئة تسمى بالمجلس  يوضع تحت سلطة رئيس الحكومة، يتولى معالجة المسائل المتعلقة باستيراتيجية   الاستشارات وسياسة الدعم لها بالموافقة على الاتفاقيات المنصوص عليها في المادة 12 من الأمر 01-03 السابق الذكر. بينما لم يحدد المشرع في هذا النص القانوني تشكيلة المجلس وسيره بل تركها للتنظيم. غير أنه وفي ظل الأمر رقم 08-06 المؤرخ في 15 جويلية 2006 المتعلق بترقية الاستثمار عدل المشرع المادة19 من الأمر 01-03 وألغى المادتين 20 و21 منه، وهذا لأن الحكومة أصدرت مراسيم تنفيذية تحدد بموجبها الأجهزة المكلفة بالاستثمار والتي من بينها المرسوم التنفيذي رقم06-355 المؤرخ في 9 أكتوبر 2006 المتعلق بصلاحيات المجلس الوطني للاستثمار وتشكيلته وسيره وتنظيمه.حيث يتولى الوزير المكلف بترقية الاستثمار وتطويره سير المجلس الوطني للاستثمار  تحت سلطة رئيس الحكومة  ، يتشكل من عدة أعضاء تابعين لقطاعات وزارية   مختلفة. كما يحضر الاجتماعات رئيس مجلس الإدارة ومدير الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار كملاحظين فقط. ويجتمع المجلس مرة كل ثلاثة أشهر، غير أنه يمكن استدعائه كلما دعت الضرورة. لذا يتولى الوزير المكلف بترقية الاستثمار أمانة المجلس ويحدد جدول أعماله لتنتهي اجتماعاته بقرارات وتوصيات وآراء. ومن المهام الرئيسية   المسندة إلى المجلس الوطني للاستثمار ترقية الاستثمار.يلاحظ من خلال استقراء المرسوم التشريعي رقم 12-93 المذكور أعلاه أن المشرع الجزائري نظم أحكام متعلقة بالوكالة الوطنية للتطوير الاستثمار في ثلاثة مواد فقط بين تعريفها في المادة السابعة، ثم حدد مهامها في المادتين الثامنة والتاسعة.
لكنه أضاف ستة مواد في الأمر رقم 01-03 السابق الذكر من خلال الفصل الثاني من الباب الرابع المعنون بأجهزة الاستثمار، حيث عرف الوكالة بأنها تنشأ لدى رئيس الحكومة وهي عبارة عن مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي يوجد مقرها بالجزائر العاصمة ولها هياكل محلية ممثلة في شباك وحيد مكون من عدة إدارات معنية بالاستثمار، كما يمكنها إنشاء مكاتب تمثيل لها بالخارج.
تتولى الوكالة   ضمان ترقية الاستثمارات وتطويرها ومتابعتها، استقبال المستثمرين المقيمين وغير المقيمين وإعلامهم ومساعدتهم، تسهيل القيام بالشكليات وتجسيد المشاريع بواسطة الشباك الوحيد، تسيير صندوق دعم الاستثمار، التأكد من احترام المستثمرين للالتزامات وتسيير حافظة العقارية وغير المنقولة للأصول التابعة للمؤسسات العمومية المنحلة. كما أنه يجدر القول من خلال المقارنة بين النصيين القانونيين أن الدولة أرادت منح المستثمر امتيازات في مدة زمنية قصيرة بموجب الأمر رقم 01-03 وهذا ما تؤكده المادة السابعة منه أين حدد اجل تبليغ المستثمر بثلاثين يوم بقرار منح الامتيازات بدلا من ستين يوم في المرسوم التشريعي 93-12 وفي حالة الرفض له الحق في الاحتجاج برفع الطعن أمام لجنة تابعة للسلطة الوصية، كما يستطيع المعني بالأمر اللجوء للقضاء لرفع
طعن ضد قرار الوكالة بعدما كان هذا الأمر مرفوضا في ظل المرسوم التشريعي 12-93
غير أنه وبالرغم من النصوص القانونية المذكورة أنفا إلا أنها لم تكن كافية لجلب المستثمر الوطني والأجنبي، فكان من الضروري على الحكومة أن تخفف العناء على المتعامل الاقتصادي بتسهيل الأمور على الهيئة المستقبلة للاستثمارات والمتمثلة في الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار، وذلك بإعطائها ضمانات أكبر. لهذا السبب عدل وتمم الأمر رقم 03-01 السابق الذكر بالأمر رقم 06-08 المؤرخ في 5 جويلية 2006 وأصدر المشرع الجزائري النصوص التنظيمية المتعلقة به من بينها المرسوم التنفيذي رقم 06-356 المؤرخ في 9 أكتوبر 2006 المتضمن صلاحيات الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار وتنظيمها وسيرها.
يلاحظ من خلال استقراء الأمر رقم 08-06 المذكور أعلاه أن الدولة منحت للوزارة المكلفة بترقية الاستثمار التسهيلات اللازمة لتنفيذ البرامج المسطرة وهذا واضح من خلال فرضه على الوكالة الوطنية للاستثمار تقليص مدة الحصول على مقرر المتعلق بالمزايا الخاصة بالإنجاز إلى 72 ساعة وكذا مقرر الخاص بالمزايا المتعلقة بالاستغلال في غضون 10 أيام ابتداء من تاريخ إيداع المستثمر لطلبه. كما يستطيع المودع للطلب الاحتجاج إذا لحقه غبن أمام اللجنة خاصة تابعة للهيئة الوصية خلال 15 يوم من الرد أو سكوت الإدارة بالإضافة إلى ممارسته الطعن أمام القضاء  .
غير أن المرسوم التنفيذي رقم 356-06 السابق الذكر عرف الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار في مادتين   وأكد بأنها هيئة تحت وصاية الوزير المكلف بترقية الاستثمارات وليس رئيس الحكومة. وتطرق إلى مهامها السبعة من إعلام، تسهيل، ترقية استثمار، المساعدة، تسيير امتيازات ومتابعة ولأول مرة مساهماتها في تسيير العقار الاقتصادي  يدير هذه الهيئة مجلس إدارة مكون من18 عضو من مختلف الوزارات يرأسهم ممثل عن الوزارة المكلفة بترقية الاستثمارات كما يسيرها مدير عام. كما تمثل الوكالة محليا بشباك وحيد 5 على مستوى كل ولاية لتسهيل تنفيذ تنفيذ المشاريع حيث يجمع عدة ممثلين لقطاعات مختلفة من بينهم ممثل أملاك الدولة الذي يبين للمستثمر العرض العمومي العقاري المتوافر.
كما تجدر الإشارة أن القانون منح للمستثمر حق رفع الطعن أمام اللجنة مختصة في مجال الاستثمار منذ سنة 2001 إذا لحقه ضرر ولم ترى النور إلا بموجب المرسوم التنفيذي  357- 06المؤرخ في 9 أكتوبر 2006، كما أنه أيضا أنشأ هيئة أخرى تعمل على توفير العقار الذي كان يشكل عائقا لتطوير وترقية الاستثمار في البلاد بمقتضى المرسوم التنفيذي  رقم 07-119 المؤرخ في 23 أبريل 2007 المحدد للقانون الأساسي للوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري.
تتكون لجنة الطعن المختصة في الاستثمار من ستة أعضاء يترأسها الوزير شخصيا أو ممثله والبقية ممثلين عن قطاعات أخرى ، تجتمع بمقر الوزارة المكلفة بترقية الاستثمار  كلما دعت الحاجة إلى ذلك. إذ يرفع المستثمر   طلبه أمام الجنة بعريضة يبين فيها هويته وعنوانه ويحدد الوقائع كما يرفق المذكرة بالمستندات اللازمة، وعلى هذه الأخيرة تقديم الطعن للإدارة المعنية لإبداء رأيها خلال15 في يوم من تسلم الطلب و الفصل في القضية خلال 30 يوم من تاريخ تسلمها الطعن   .

المبحث الثاني: مساهمة الوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري في تحقيق التنمية الاقتصادية الوطنية:

ساهمت الوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري منذ إنشائها على توفير العقار الاقتصادي الذي يساعد على جلب المستثمرين بإنجازها لعشر مديريات جهوية عبر الوطن تتعلق بولايات الجزائر، عنابة، البليدة، وهران، تيارت، ادرار، قسنطينة، سطيف، تلمسان .وكذا ببعث التعاون الفعال   بين مختلف المؤسسات المعنية بهذا القطاع، فظهرت أول اتفاقية بتاريخ 11 جوان 2008 بين المديرية العامة لأملاك الوطنية والوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري لتسهيل تسيير الأملاك الخاصة التابعة للدولة المحددة قانونيا والمخصصة لإقامة مشاريع استثمارية وكذا الأملاك العمومية والأصول المتبقية التابعة للمؤسسات المستقلة وغير المستقلة وكذا الأصول الفائضة التابعة للمؤسسات العمومية الاقتصادية . ثم تليها اتفاقية بين المجلس الوطني للاستثمار والوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري بتاريخ 5 جانفي 2012 لتحديد كيفيات تمويل استحداث مناطق صناعية جديدة وفي الأخير اتفاقية بين الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار والوكالة الوطنية للوساطة وللضبط العقاري بتاريخ 1 جويلية 2012 لتهيئة 42 منطقة صناعية جديدة. كما أن الأمر لم يقف عند هذا الحد بل بذلت مجهودات تتلخص بتقريب الإدارة من المتعامل معها ومنح تحفيزات للمستثمر.

تقريب الإدارة من المواطن:

كانت طلبات الحصول على عقار اقتصادي من أجل الاستثمار   في الجزائر تقدم لدى الوكالة الوطنية لتطوير
الاستثمار التي كانت ممثلة في شباك وحيد فقط ولهذه الأخيرة مدة ستين يوم للرد حسب المرسوم التشريعي 12-93السابق الذكر، غير أن هذا الأجل كان يضر بمصلحة المستثمرين   بالنظر لطول الانتظار وكثرة الوثائق الإدارية المطلوبة لصحة الطلب. الأمر الذي ترتب عنه هروب رجال أعمال إلى دول مجاورة. إن خطورة هذه المسألة دفعت الوزارة المعنية إلى إعادة النظر في هذا الميعاد بتقليصه إلى ثلاثين يوم سنة 2001 وفق الأمر رقم 03-01 السالف الذكر وإضافة فروع محلية تابعة للوكالة الوطنية لترقية الاستثمار تساعد المستثمر على الحصول على وعاء عقاري.
لكن بالرغم من هذه الإجراءات المتخذة طالب الخبراء الاقتصاديون من الحكومة تسهيلات بالنظر إلى الأحكام المتبعة لدى دول عربية  . على هذا الأساس تدخل المشرع سنة 2006 بموجب الأمر رقم 06-08 المذكور أعلاه لتخفيض المدة إلى 13 يوم مقسمة بين ثلاثة أيام للحصول على مقرر الامتياز المتعلق بالإنجاز وعشرة أيام للحصول على مقرر الامتياز الخاص بالاستغلال. إن هذه الخطوات التي سارت عليها الدولة لدليل قاطع على وجود إرادة سياسية في ترقية وتطوير الاستثمار وهذا المجهود تبلور واقعيا بوجود 2632 مشروع استثماري  في بداية سنة 2014 ما يساوي 682 مليار دج منها 129 مليار دج خاصة بالاستثمارات الأجنبية. ومازال الطريق نحو المستقبل حافل باجراءات جديدة أكدها قانون المالية التكميلي لسنة 2015   أين منح المشرع الجزائري للوالي السلطة في اتخاذ اتخاذ قرار منح الامتياز بالتراضي بناء على اقتراح يقدمه المدير الولائي المكلف بالاستثمار أو الهيئة المكلفة بتسيير المدينة الجديدة أو الهيئة المكلفة بتطوير السياحة حسب الحالة.
إن دخول الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة يفرض عليها تطوير الاستثمار، الأمر الذي ترتب عنه خلق مناطق جديدة عصرية تتماشى ومتطلبات التنمية المستدامة  . لذا كان لزاما على الوزارة الأولى إعداد المخطط الوطني الوطني لتهيئة الإقليم الذي يمتد إلى 2030 والغرض منه إعادة التوازن بين كل المناطق في البلاد من خلال الإنصاف الاجتماعي والإقليمي حسب مردودية كل ولاية. فمستقبل البلاد مرتبط بإنشاء فضاءات مغايرة لتلك الموجودة حاليا تسمى بالجيل الجديد، تعتمد هذه الأخيرة على الكفاءة البيئية أي احترام الجودة لجلب المستثمرين باستخدام الطاقات المتجددة وعقارات قابلة للتطور الصناعي جامعة لكل مراكز الخدمات ومهيأة لتحقيق أي نشاط اقتصادي حسب المواصفات الدولية. إن الوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري هيئت 11623 هكتار لإنشاء 42  منطقة صناعية صناعية عبر عدة ولايات قصد تنظيم سوق العقار الاقتصادي وإحداث التوازن بين العرض والطلب للتحكم في أسعاره المرتفعة في الشمال على عكس تلك الموجودة بالجنوب.

الامتيازات الممنوحة للمستثمر:

حدد المشرع الجزائري امتيازات تتنوع بين مرحلة الإنجاز والاستغلال للمستثمر بالنظر إلى طبيعة النظام الذي يخضع له مشروعه إن كان عاما (  أو استثنائيا . بيد أن مجلس الوزراء المنعقد في 22 جانفي 2011 قرر تدابير جديدة، إذ تمنح الدولة العقار عن طريق التراضي فقط إذا قدم المستثمر طلبه للجنة المساعدة على تحدد الموقع وترقية الاستثمارات التي تديرها الوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري، وفي حالة الموافقة يصدر الوالي قرار بمنح الامتياز للمعني بالأمر. حينئذ تتولى مديرية أملاك الدولة تحرير عقد الامتياز لمدة 33 سنة يستند على دفتر شروط محددة وهذا مقابل دفع إتاوة سنوية تساوي 20/1 من القيمة التجارية للعقار قابلة للمراجعة كل 11 سنة. وكذا تخفيضات للمستثمرين حسب موقع المشروع، فإذا كانت المشاريع موجودة بالشمال يتم تخفيض 90 بالمئة طيلة مدة الإنجاز والتي تمتد إلى 3 سنوات و50 بالمئة خلال فترة الاستغلال التي تمتد إلى ثلاث سنوات. أما إذا كانت المشاريع محددة بمناطق الهضاب العليا والجنوب تقرر حساب دينار رمزي للمتر مربع خلال فترة 10 سنوات وبعد انتهاء هذه المدة تخفض قيمة الإتاوة الايجارية إلى 50 بالمئة. بينا المشاريع الموافق عليها بمناطق الجنوب الكبير الذي يضم ولايات أدار، اليزي، تمنراست وتندوف فيحتسب الدينار الرمزي خلال 15 سنة وبعد انتهاء المدة تخفض قيمة الإتاوة الايجارية إلى 50بالمائة. كما استفادت ولايات الهضاب العليا والجنوب من الصندوق الخاص للتنمية الاقتصادية الذي يساعد على قيام المشاريع المخصصة لها.
إن تشجيع الدولة للاستثمار الوطني والأجنبي متواصل لتحقيق اقتصاد تنافسي وذو جود عالمية تماشيا مع متطلبات التنمية المستدامة والتي حققتها بعض الدول الرائدة كالإمارات العربية المتحدة وتركيا باهتمامها بقطاع العقار. وهذا ما يتضح جليا في قانون المالية لسنة 2014 السابق الذكر، حيث يستفيد كل استثمار أجنبي حول المهارات نحو الجزائر في مجال إنتاج السلع بمعدل اندماج يقوق 40 بالمئة من امتيازات جبائيه وشبه جبائيه يحددها الصندوق الوطني للاستثمارات. وتستفيد الاستثمارات التي تحدث 100 منصب عمل إعفاءات من الضريبة على أرباح الشركات وعلى الرسم المهني للنشاط لمدة ثلاث سنوات في مرحلة الاستغلال بعد معاينة الشروع في الإنجاز من الهيئة المعنية وتمدد إلى 5 سنوات إذا كانت تخلق أكثر من 100 منصب عمل. بينما الاستثمار في القطاعات الاستراتيجية التي تخدم الاقتصاد الوطني تستفيد من هذه الإعفاءات بدون إحداث مناصب شغل لمدة 5 سنوات. ثم أضاف قانون المالية لسنة 2015 تسهيلات أخرى تتمثل في منح السلطة للوكالة الوطنية للاستثمار بدراسة ملفات بدلا من المجلس الوطني للاستثمار، إدراج إعفاء من حقوق التسجيل ومصاريف الإشهار العقاري على حق امتياز لأملاك عقارية مبنية وغير مبنية موجهة للاستثمار، إعفاء مؤقت عن الضرائب على الأرباح والدخل الإجمالي لمدة 5 سنوات لفائدة المشاريع الاستثمارية المنجزة والخاصة بأنشطة صناعية محددة ،تخفيض معدل الضرائب المفروض على أرباح الشركات ب 23 بالمئة وأخيرا تحديد نظام الضريبة الجزافية لفائدة الأشخاص الطبيعيين والمعنويين الممارسين لأنشطة صناعية وتجارية وحرفية والذين لا يتجاوز رقم أعمالهم ثلاثة ملايين دج.

لكن تنفيذ استراتيجية الدولة المتعلقة بتوفير العقار لترقية الاستثمار بدأت تتضح جليا من خلال قانون المالية التكميلي لسنة 2015 أين أكد المشرع الجزائري ضرورة حصول المستثمر على العقار بدون اللجوء إلى لجنة المساعدة وترقية الاستثمار وضبط العقار كالبيراف وإنما الذهاب مباشرة إلى الشباك الوحيد محليا، مع منح عقد تنازل بالتراضي عن الأملاك الخاصة التابعة للدولة بقرار من الوالي خلال 8 أيام من قبول الهيئات المختصة لملف المعني بالأمر.
إن مجهودات الوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري في تحقيق التنمية الاقتصادية لمسها المواطن الجزائري في إنجاز عدة مشاريع بشراكة أجنبية كمصنع رونو سامبول للسيارات النفعية الذي بدا العمل به في 10 نوفمبر 2014 بالمنطقة الصناعية واد تليلات بولاية وهران الذي يشغل 350 عامل وينتج 25000 سيارة، مصنع سورفيرت الجزائر للأسمدة امونياك واليوريا بأرزيو، وكذا تدشين يوم 25 أكتوبر 2014 مصنع عين بوشقيف بولاية تيارت لصناعة سيارات مرسيديس بنز …. وغيرها. كما أن هذه المؤسسة وقعت باسم الجزائر مع الهيئة العامة المصرية للتنمية الصناعية 17 اتفاقية ومذكرة تفاهم بتاريخ 5 نوفمبر 2014 لتسيير حظائر صناعية وإنجازها. بينما سنة 2015 عرفت إنجاز عدة مشاريع هامة كمصنع سيتال لتجميع عربات تراموي بعنابة بتاريخ 12 ماي 2015، إنشاء معمل لإنتاج أنابيب النقل وكذا وحدة إنتاج تجهيزات الإعلام الآلي الفاترون ببطيوة بوهران 29 سبتمبر 2015. واسترجاع أسهم مركب الحجار من الشريك الهندي 6 أكتوبر 2005 قصد إعادة هيكلة هذه المؤسسة العمومية لإعادة بعث إنتاج الجزائر في مجال المنجمي من جديد.

أفاق الوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري

تحتاج الجزائر اليوم لموارد بشرية مؤهلة لاستقبال رجال الأعمال حسب منهج متبع يعزز ثقافة الاتصال مع الغير. كما يجب الاستفادة من خبرات أجنبية تنقل تجاربها النموذجية إلى بلادنا باستخدام التكنولوجيا المتطورة. فالعقار الاقتصادى متوافر ومنظم في سوق تضبطه الوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري بمعايير دولية. إذن لابد تفعيل التعامل الإلكتروني بين الإدارة والمستثمر لتسهيل تقديم الخدمات في مدة زمنية وجيزة قصد حصوله على الوعاء العقاري بسرعة تمكنه من إنجاز مشروعه بدون أي عراقيل.

طالع ايضا أثر الضريبة على السوق العقاري في الجزائر

إرسال تعليق

0 تعليقات