أثر الضريبة على السوق العقاري في الجزائر

الجزائر من البلدان التي تمر من الاقتصاد الموجه إلى اقتصاد السوق الذي يمتاز بحركية تسمح بتطور وتوسيع وتنمية المعاملات، في السوق العقارية التي تحظى باهتمام كبير في الدول التي يسود فيها الاقتصاد الليبرالي.

أثر الضريبة على السوق العقاري في الجزائر


ولقد عرف السوق العقاري في الجزائر ركودا كبيرا بسبب احتكار الدولة له، مما جعل حركة تنقل العقار بين الأشخاص تقتصر على عملية التوزيع التركات وفقا لما تنص عليه الشريعة الإسلامية، أو تلك التي تمس بعض العقارات التي تستعمل من أجل الصالح العام التي تكون فيها الدولة كطرف.

وقد أعطى التوجه إلى الاقتصاد السوق ديناميكية كبيرة للسوق العقاري وذلك من خلال استحداث آليات جديدة من خلال قانون عقاري يبسط المعاملات وينوع طرق تنقل العقار، ويحدث أدوات جديدة لتمويل العقار وكيفيات لتنظيم هذا التمويل كآلية مالية تسمح بزيادة حجم السوق العقاري وتنويعة مع ضمان تسهيلات لمختلف الهياكل السابقة وإحداث مؤسسات جديدة تساهم في زيادة الحجم العقاري كالوكالات العقارية والوكالات التساهمية ومؤسسات الترقية العقارية، وذلك من خلال قانون الاستثمار الجديد الذي يعطي فرص لهذه المؤسسات التي تعتبر بمثابة محرك لقطاع البناء وللحصول على امتيازات في مختلف المجالات. كما أن تهيئة المحيط في هذا المجال سمح للمواطن بالمشاركة في زيادة السوق العقاري عن طريق بناء سكنات خاصة ومحلات تجارية ومهنية.

طالع ايضا الوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري

وحيث أنه لا يمكن دفع قطاع البناء بدون تنشيط السوق العقاري، فقد أحدثت تغييرات في كل القوانين التي كانت تحكم هذا السوق بهدف زيادة فعاليتها، ومنها القوانين الجبائية التي تعتبر آلية ذات أهمية كبيرة جدا حيث تساهم في تطوير وتنمية وتوجيه السوق العقاري.

وضمن هذا التوجه عرفت الضرائب التي تمس العقار تغييرا ملحوظا شجع على زيادة حركته، وأعطاه مرونة أكبر، خاصة عندما يتعلق الأمر بتنقل العقار بين الأفراد، وقد انعكس ذلك إيجابيا على خزينة الدولة التي زادت عائداتها بشكل معتبر ساهم في تمويل الميزانية العمومية. لكن يبقى دائما السوق العقاري محدود التفاعل وهذا ما ينعكس على نمو الاقتصاد بصفة عامة؛ فالنسبة للدولة، إن توسيع هياكلها يحتاج إلى مقرات ومرافق عمومية، أما بالنسبة للمؤسسات فإن أي استثمار مهما كان نوعه يتطلب تواجد العقار المناسب، وأما بالنسبة للأسر فإن تكوينها بحاجة إلى العقار السكني.

أمام هذه الوضعية، ومن أجل تطوير قطاع البناء يكون من المفيد تنشيط السوق العقاري، وفي الإطار تعتبر الضرائب إحدى الوسائل الأكثر فعالية على إحداث ذلك، لأن التخفيض في تكاليف إنشاء العقار والحصول عليه، يسهل الإقبال على الشراء ومن ثمة زيادة حركة العقار وإحداث ديناميكية في هذا السوق- بالرغم من وجود من يضمن عكس ذلك من خلال سرد أثار الآليات الأخرى مثل الدعم على مختلف المستويات.

 تعريف الجباية العقارية وأنواعها

تمثل الجباية العقارية مجموعة الضرائب التي تتعلق بالعقار سواء في حالة استقراره عند مالكه أو عند انتقال ملكيته. كما يمكن أن تعرف على أنها مجموعة قواعد التي تهتم بعمليات التي تطرأ عن العقار من تملك وبيع وغيرها من العمليات التي تجعل العقار موضوعا لها.

وتشمل الجباية العقارية أنواعا مختلفة من الضرائب وهي: الرسم العقاري، ورسم التطهير الضرائب على القيمة المضافة، ضريبة علي الأملاك وحقوق التسجيل، ويخضع للجباية العقارية كل الأشخاص المعنويين والطبيعيين القائمين بالعمليات بيع وشراء العقارات، إنشاء العقار، وتقديم حصص لإنشاء الشركات، وعلى سبيل المثال يمكن الإشارة إلى أهم هذه العمليات ومنها: عمليات انتقال الملكية بمقابل كالبيع، عمليات انتقال الملكية بدون مقابل كالهبات والتركات، عمليات إنشاء أو حل أو تعديل الشركات، عمليات القسمة أو المبادلة.

1-2- آثار الضريبة على السوق العقاري

إن الكلام على أثار الضريبة يتطلب الإشارة إلى مفهوم العدالة الضريبية التي تعتبر المبدأ الأساسي الذي يقوم عليه أي نظام ضريبي، حيث تبرز العدالة الضريبية من خلال التوزيع العادل لأعباء ونفقات الدولة على الأفراد بالتناسب مع إمكانياتهم في التسديد وفقا لمبدأ التساوي في التضحية، مما يضمن التوزيع العادل للدخل. وتكون مشاركة أفراد المجتمع من خلال تصويت ممثليهم في البرلمان على نفقات الدولة ومصادر الموارد التي تغطي هذه النفقات. ومن أجل تعظيم الرفاهية للمجتمع لابد من التقليل من التضحية الجبائية الإجمالية مع أخذ بمبدأ التدرج الذي اقترحه جون استوارت ميل

إن العدالة الأفقية لا تتأتى إلا إذا أخضع كل أنواع المداخيل إلى ضريبة واحدة بحيث يصبح القسط الضريبي الذي يدفعه شخص حقق عائدا ما، وفي مجال ما، هو نفس القسط الضريبي الذي يدفعه شخص أخر الذي حقق نفس العائد لكن في مجال أخر. أما العدالة العمودية فيمكن تحقيقها من خلال إدراج المداخيل إلى عدة معدلات تتناسب وأهمية هذه المداخيل. إن الجداول الضريبة الأكثر تصاعدا، أي الجداول التي تزيد بسرعة كبيرة، يمكن أن تعرقل في آن واحد النشاط والاستثمار، وذلك من خلال حذف جزء كبير من العوائد والأجور، وهذه الأطروحة مدعمة من طرف اقتصادي العرض أمثال لا فار LA FFER في الولايات المتحدة. والسوق العقاري كباقي الأسواق الأخرى تتأثر بالضريبة التي تمس العقار سواء بالطريقة المباشرة أو الغير المباشرة.

إن وجود هذا النوع من التصرفات يعني أن مبدأ الحيادية الجبائية الذي مضمونه هو أن الضريبة لا يجب أن تحرض الأفراد على تغيير سلوكاتهم الاقتصادية لم يحترم.

تطور الجباية العقارية في الجزائر

أن تطور الجباية القارية في الجزائر يعود في أصله إلى تطور النظام الجبائي بصفة عامة والجباية العادية بصفة خاصة. ومن أجل معرفة أهم المراحل التي مرت بها الجباية العقارية إلى أن وصلت إلى ما هي عليه الآن. نتناول الجباية العقارية قبل الاستقلال وبعده، ثم الإصلاحات التي لحقت بالجباية العقارية4. الجباية العقارية قبل الاستقلال
يرى بعض الكتاب أن تسلسل تطور الجباية العقارية قبل الاستقلال مر على مرحلتين هما: مرحلة المجتمع التقليدي بما فيه مرحلة الحكم التركي للجزائر وفيها استعملت الضريبة من أجل تمويل خزينة الخلافة. ومرحله الاحتلال الفرنسي للجزائر وخلالها استعملت الضريبة العقارية للاستيلاء على الأراضي من طرف المعمرين وخاصة الأراضي الفلاحية.الجباية العقارية بعد الاستقلال

يمكن تقسيم هذه الفترة إلى أربعة مراحل: في المرحلة الأولى من الاستقلال وحتى عام 1968 استعملت الضريبة كأداة لتوجيه الاقتصاد، وفي المرحلة الثانية (1985-1969) استعملت الضريبة للرفع من القدرة الشرائية للسكان، أما المرحلة الثالثة ابتداء من سنة 1986 حيث عرفت الجزائر أزمة اقتصادية حادة نتيجة تدهور أسعار البترول، فقد استعملت الضريبة لزيادة العائدات الضريبية، وفي المرحلة الرابعة ابتداء من سنة 1992 فقد أحدثت إصلاحات عميقة في الاقتصاد، ومنها إصلاح النظام الجبائي ليكون أداة لتحريك الاقتصاد الوطني كهدف رئيسي ومنه زيادة الفوائد الضريبية بمعنى زيادة مداخيل الدولة كتغطية نفقات العمومية لتأدية الدور التقليدي للدولة على أحسن ما يرام 

 الجباية العقارية من خلال إصلاحات 1992

 الإطار العام للإصلاحات الجبائية

إن الإصلاحات الجبائية هي جزء من الإصلاحات الهيكلية والتنظيمية والتي كانت إحدى الشروط المقترحة في الاتفاقية المبرمة بين الجزائر وصندوق النقد الدولي في إطار مخطط الإصلاحات الهيكلية، كما أن هذه الإصلاحات الهيكلية التي من ضمنها الإصلاحات الجبائية التي قامت بها الجزائر لا تختلف عن الإصلاحات التي مست الدول الأخرى التي أبرمت الاتفاقيات مع الصندوق.

 الأهداف الاقتصادية الكلية والأهداف الهيكلية

من ناحية الإصلاحات الجبائية حددت السلطات الجزائرية مجموعة من الأهداف الاقتصادية على مستوى الكلي والهيكلي يمكن إدراجها فيما يلي: تنمية الاقتصاد من خلال ترقية الادخار وتوجيه للاستثمارات الإنتاجية وكذلك تخفيف العبء الجبائي الملقى على المؤسسات، خلق شروط ملائمة للتوازن الخارجي من خلال تنويع الصادرات، اهتمام مستمر لإعادة توزيع الموارد وخاصة حماية القوة الشرائية، الاستمرار المجهدات المبذولة في إطار اللامركزية للسياسة الاقتصادية، تحسين شفافية النظام الجبائي.

 فرض الضريبة على المداخيل

ضمت الإصلاحات الجبائية المداخيل الإيجارية إلى المداخيل الأخرى وأخضعتها

إلى الضريبة على المداخيل الإجمالية لأن المداخيل الإيجارية للعقارات لا تختلف عن المداخيل الأخرى، ولهذا لا بد أن تغرم بنفس الطريقة وعلى نفس المنوال، ومن أجل تحقيق التوازن في النظام الجبائي يرى خبراء صندوق النقد الدولي أنه من الضروري التفرقة بين طريقة تغريم المداخيل وطريقة تغريم رأس المال، فالرسم العقاري يعتبر من الضرائب المفروضة على رأس المال، لأن العقار الذي هو ملك لشخص ما، إما أن يكون مستغل من طرف المالك أو يكون مؤجر لشخص أخر وفي كلتا الحالتين هناك طريقة تفرض بها الضريبة.

كما أن المالك له الحق في البيع وعند عملية البيع يفترض في معظم الحالات أنه يتحصل على قيمة زائدة عن قيمة الشراء وتعتبر هذه القيمة عبارة عن مدخول كباقي المداخيل الأخرى يخضع للضريبة على المداخيل الإجمالية وتسمى بضريبة فائض القيمة الناتجة عن العقار المتنازل عنه. وأما الرسم الخاص بالتسجيل فهو يمس كل التحويلات العقارية.

التنظيم الجديد لإصلاحات الجباية العقارية وتطبيقها

تنقسم الجباية العقارية إلى قسمين: الضرائب على التملك/ الامتلاك والضرائب الواردة على التصرف في الملكية العقارية- وفي ظل تطبيق الإصلاحات فإنه تم تقسيم هذه الضرائب إلى

معدلات الضرائب التي تمس السوق العقاري بصفة غير مباشرة

ويقصد بالضرائب التي تمس السوق العقارية بصفة غير مباشرة تلك التي تفرض على العقار ملك لصاحبه تفرض عليه هذه الضرائب حسب الاستعمال أي للحصول على العقار وضرائب ناتجة حينما يكون العقار ملك لصاحبه ويتصرف فيه للاستعمال وتتمثل هذه الضرائب في الرسم العقاري ورسم التطهير والضرائب علي الأملاك والضريبة علي العائدات الايجارية.

طالع ايضا دور العقار في التنمية المحلية

إرسال تعليق

0 تعليقات