حقوق الانتاج الفكري في الدين الاسلامي
وكل هذه الكتب المتضمنة لمخالفة السنة غير مأذون فيها، بل مأذون في محقها وإتلافها، وما على أمة أضر منها، وقد
حرق الصحابة جميع المصاحف المخالفة لمصحف عثمان رضي االله عنه ،
لما خافوا على الأمة من الاختلاف، فكيف لو
رأوا هذه الكتب التي أوقعت الخلاف والتفرق بين الأمة؟... إلى أن قال: والمقصود أن هذه الكتب المشتملة على الكذب
والبدعة يجب إتلافها وإعدامها وهي أولى بذلك من إتلاف آلات اللهو والمعازف، وإتلاف آنية الخمر، فإن ضررها أعظم من
ضرر هذه، ولا ضمان فيها، كما لا ضمان في كسر أواني الخمر وشق زقاقها).
وقال أيضاً معلقاً على قول كعب بن مالك رضي االله عنه في قصة توبته الطويلة: (فتيممت بها التنور فسجرتها)، قال:
فيه المبادرة إلى إتلاف ما يخشى منه الفساد والمضرَّة في الدين، وأن الحازم لا ينتظر به ولا يؤخره، وهذا كالعصير إذا
تخمر، وكالكتاب الذي يخشى منه الضررُ والشر، فالحزم المبادرة إلى إتلافه وإعدامه).
الحقوق الفكرية حديثا
ولعل التصور الحديث للحرية الفكرية في العالم المعاصر يرى أن هذا الموقف حيال ذلك النوع من الكتب عصبية حادة،
وتزمت بغيض، ولكنا نرجح أنه موقف صحيح بالنظر إلى مصالح الأمة المسلمة، عدد الصفحات المطبوعة
فإنها جماعة متحدة في فكرها والمهمة التي ألقاها الإسلام على كواهل أبنائها لا يمكن القيام بها من غير هذه
الوحدة، فلن يرضى الإسلام بأن تتلاشى هذه الوحدة الفكرية فتتعرض الأمة لردة عقلية أو فوضى فكرية.
ولا يعني اتخاذ هذا الموقف ضد الكتب المخالفة للقرآن والسنة، ألا يعالج الخلاف الناشئ في الأمة برفق ونقاش
وتفاهم، إنما يعني استفراغ الوسع لتثبيت الأمة على جادة الحق، عاضة على دينها وإيمانها بالنواجذ، ولا يمنع ذلك من
المناقشات الفكرية الهادفة، والرد على البحوث العلمية والفكرية، بأمثالها رداً علمياً رصيناً، والإمام ابن القيم – رحمه
االله – الذي ذكرنا موقفه تجاه الكتب المخالفة للكتاب والسنة، يرى إبطالها والرد العلمي عليها ليس مباحاً فحسب بل
واجباً أو مندوبا حسب مقتضى الحال، فيقول: (أما كتب إبطال الآراء والمذاهب المخالفة لهما، فلا بأس بها، وقد تكون
واجبة، ومستحبة، ومباحة بحسب اقتضاء الحال).
ولقد صدر نظام مستقل بالمملكة العربية السعودية لحماية حقوق المؤلف نشر بالجريدة الرسمية
بتاريخ 15/6/1410هـ، إلا أن هذا لا يعني أن الإنتاج الذي يخالف الشريعة الإسلامية يمكن أن يحمى، بل تسقط حمايته
لمخالفته للأنظمة المعمول بها في المملكة العربية السعودية، وتطبق بحقه الأحكام الواردة في نظام المطبوعات
والنشر.
طالع أيضا الطور الثانوي في الجزائر
0 تعليقات